الدكتورفتحي حسن ملكاوي ينعي رفيق دربه الشيخ طه جابر العلواني

0

في مثل هذا اليوم 4 مارس (آذار) عام 1935م ولد طه جابر العلواني في الفلوجة في العراق. وتوفي اليوم وهو في طريقة من القاهرة إلى واشنطن. نسأل الله أن يعفو عنه ويغفر له ويكرم نزله. ويلهم ولده الدكتور أحمد، وابنتيه الدكتورة زينت والدكتور رقية، وسائر أهله وأحفاده وزملائه وتلاميذه وأسرة المعهد العالمي للفكر الإسلامي جميل الصبر وحسن العزاء.
ليس من السهل عليّ في هذه اللحظة التي وصلني خبر وفاته أن أعطي الشيخ طه حقه من التنويه بفضله وعلمه وجهوده. وهذا التنويه والتعريف واجب لا بد من أدائه، لأنّ من حقِّ الأجيال الجديدة من أبناء الأمة أن يعرفوا فضل علمائهم.
تتلمذ الشيخ طه على كبار علماء العراق في أربعينيات القرن الماضي حتى الثانوية الشرعية ثم واصل دراسته في الأزهر الشريف حتى الدكتوراه في أصول الفقه.
ومارس التعليم الشرعي والوعظ والخطابة والكتابة منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي. ونظراً لمعارضته الجريئة لنظام حزب البعث فقد اضطر لمغادرة العراق عام 1969. عين بعد حصوله على الدكتوراه مدرساً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، وبقي فيها عشر سنوات، ثم قرر الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتفرغ مع مجموعة من زملائه للعمل الفكري ضمن برامج المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وكان عضو مؤسساً لمجلس أمناء المعهد منذ نشأته، كما رأس المعهد من عام 1988إلى 1996.
مارس الكثير من النشاطات العلمية والفكرية الإسلامية، وعمل عضواً في كثير من المجامع العلمية الدولية والمحلية، فكان عضواً مؤسساً في رابطة العالم الإسلامي، وعضواً في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن، وعضواً في مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة، والرئيس المؤسس لمجلس الفقه الإسلامي في أمريكا الشمالية، ورئيس التحرير المؤسس لمجلة إسلامية المعرفة، والرئيس المؤسس لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية في فيرجينيا، وشغل منصب أول أستاذ كرسي للبرنامج المشترك في الدراسات الإسلامية الذي تقدمه عشر جامعات أمريكية في منطقة واشنطن العاصمة. وغير ذلك كثير.
من أبرز ما عرفته فيه طيلة صلتي الوثيقة به منذ عام 1979م حرصه على التعليم والتعلم، ففي مجال التعليم فإنه لم ينقطع عن تقديم الدروس والحلقات والدورات التدريبية الشرعية في منزله، على الرغم من مرضه المقعد في السنوات الأخيرة. وفي مجال التعلم، فإنه يحب أن يعرِّف نفسه بأنه طالب علم، يرغب أن لا يقف في علمه وفكره على تخصص محدد، ويحرص على أية مناسبة تتاح له ليزداد علماً، سواءً في قراءاته أو مناقشاته أو زياراته أو في مجالس العلم التي يعقدها. فكان دائم النمو والتطوير في صياغة أفكاره وتوضيحها وإعادة النظر فيها، من خلال مرجعية ثابتة تنهل من القرآن الكريم بوصفه المصدر المنشئ للعلم والفكر، ومن السنة النبوية الشريفة بوصفها المصدر المبين للقرآن الكريم.
تنقل في اهتماماته وكتاباته العلمية من التخصص الأكاديمي في أصول الفقه، إلى فقه الأقليات، والأديان المقارنة، والسنة النبوية، وقضايا الفكر الإسلامي المعاصر، وتفرغ في السنوات الأخيرة لتدبر القرآن الكريم ونشر فيه حوالي عشرة كتب، وتحت الطبع ثمانية كتب أخرى.
نسأل الله أن يجزيه على ما قدم، وأن يبارك فيما ورَّثه من علم، وخلّفه من ذرية طيبة.
و”إنا لله وإنا إليه راجعون”.
 د. فتحي الملكاوي الجمعة‏، 25‏ جمادى الأولى 1437‏
(4مارس (آذار) 2016‏)

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.