حاوره: أحمد الحري
يستعرض الباحث محمد احساين سياق وانتظارات دعوات مراجعة منهاج مادة التربية الإسلامية، التي عرفت نقاشا بين مختلف فعاليات المجتمع المغربي، منذ دعوة الملك محمد السادس إلى “إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة”. وتعتبر الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية واحدة من الجهات الفاعلة في هذا المجال، حيث خصصت يوما دراسيا بشراكة مع المركز الدولي للأبحاث والدراسات في موضوع “منهاج مادة التربية الإسلامية في منظومة التربية والتكوين: مقاربات ومداخل للتطوير” خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل 2016، شارك فيه الباحث محمد احساين ، فكان ل “جديد بريس” معه هذا الحوار:
ماهو السياق الذي أتت فيه مراجعة منهاج مادة التربية الإسلامية ؟ وكيف تنظرون إلى قضية التجديد ؟
مادة التربية الإسلامية تخضع لثوابت ومتغيرات فما هو ثابت من النصوص في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة هذا لا جدال فيه ، ولكن ماهو متغير وما يمكن أن نجدد فيه هو كيف نفهم هذه النصوص الشرعية من القرآن والسنة ، وكيف نطورها ونطور فهمنا لها، وننزلها ونحسن تصريفها على المستوى الديداكتيكي والبداغوجي. وهذه مهمة أستاذ مادة التربية الإسلامية ومفتش المادة ومؤلف كتبها. فالتجديد في الموروث الثقافي يتطلب منا الانكباب على ماهو متغير من مسائل تقنية وديداكتيكية، وبيداغوجية من أجل تنزيل أحسن لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية. وفي إطار هذا التجديد، ننادي بأن يكون للدرس الإسلامي علاقة بالواقع ينطلق من نوازل معينة ومن وضعيات معينة ومشاكل يعيشها التلميذ لكي يستطيع المدرس أن يدخل المشاكل التي يعيشها المجتمع إلى الدرس ومن تم يحاول أن يجد مع متعلميه حلولا. والمتعلم يحتاج إلى أن يستمع ويكتشف من خلال درس التربية الإسلامية للمشاكل التي يعيشها داخل المدرسة وخارجها. المراجعة تأتي في سياق دولي وإقليمي معين وفي سياق أمني وسياسي وتربوي .. ونحاول من خلال وزارة التربية الوطنية تنفيذ التوجيهات الملكية التي أمرت بمراجعة مناهج التربية الوطنية من أجل تنقيحها وترسيخ قيم التسامح والاعتدال وهذه القيم موجودة في ديننا ويبقى كيف يمكن أن تعمل جميع المواد على ترسيخ هذه القيم، ولكن بمرجعية إسلامية وليست وضعية لأننا نعرف أن المرجعية الوضعية في القيم تختلف وتتغير من حين لآخر ومن زمان لآخر لكن القيم في المرجعية الإسلامية هي قيم تابثة ومركزية وهناك قيم فرعية متغيرة بتغير الزمان والمكان.
ماهي الأهداف المتوخاة من اليوم الدراسي حول منهاج مادة التربية الإسلامية؟
اليوم الدراسي يأتي في سياق مجموعة من الأنشطة التي تقوم بها الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية وخاصة منهاج مادة التربية الإسلامية ،حيث كانت الجمعية سباقة منذ سنتين إلى إطلاق ورش كبير حول تقويم منهاج التربية الإسلامية ، والآن هذه محطة أخرى من أجل تطوير ذلك العمل ، والمنتوج الذي كان مع ندوة وطنية بمراكش التي حاولت أن تضع أرضية لمناقشة منهاج مادة التربية الإسلامية ولتقويمه، والآن نحن بصدد محاولات اقتراح ومقاربات من أجل تطوير المادة .
يعتبر تثبيث القيم من أهداف الدرس الإسلامي والأساس في الدعوة إلى المراجعة كيف يتم ذلك؟
مشكلة القيم هي مشكلة جد عويصة داخل المنظومة التربوية نظرا للتضارب الموجود في تصريف هذه القيم ، فإذا كانت المرجعيات الرسمية من وثائق رسمية وأهداف وتوجيهات ، وكتب وغيرها تحاول ما أمكن أن تحدد الإطار القيمي الذي تشتغل فيه المناهج الدراسية في جميع المواد ، إلا أننا نجد تضاربا في كيفية تصريف هذه القيم من أستاذ لآخر داخل مادة التربية الإسلامية وخارجها وقد يشعر التلميذ بنوع من التناقض بين القيم التي تروجها مادة التربية الإسلامية ،وبعض القيم التي تروجها مواد دراسية أخرى، كما يشترط في ترسيخ القيم قدوة أستاذ مادة التربية الإسلامية وكذا باقي أساتذة المواد الأخرى كالفلسفة واللغة العربية والرياضيات وغيرها من المواد الدراسية.
ألا ترى أن أستاذ التربية الإسلامية لكي يقوم بواجبه على أحسن وجه يحتاج إلى تكوين يجمع بين النصوص الشرعية والمتغيرات الحديثة ؟
نعم، هذا يتطلب نوعا من التكوين لأستاذ مادة التربية الإسلامية ، إلا أن الوزارة المكلفة أوقفت هذا التكوين وجعلت المادة في مشكل حاد ، إضافة إلى قيامها بتوظيفات بدون سابق تكوين لأساتذة غير متخصصين في المادة، مع العلم أن المادة تحمل مصطلحات وقيم إذا لم يكن الأستاذ متشربا لها ويعرف كيف ينزلها قد يحرم ما أحل الله وقد يحلل ما حرم الله وفي هذه الحالة تخرج المادة عن نطاقها الرسمي التي تتوخاه المنظومة التربوية .
ماهي اقتراحاتك في موضوع مراجعة المادة؟
المطلوب أن يتكلف متخصصون في المادة ، وأن لا أن يقتصر على جهة معينة ، وأن تنكب المراجعة على المواضيع الهامة والأـساسية التي تمس مشاكل المتعلم وحياته وأن نعيد للمادة أبعادها المختلفة ، بعد الإنسان بربه وبنفسه وبالآخر والمجتمع وبالبيئة .