كلمة الجمعية المغربية لاساتذة التربية الاسلامية في الملتقى الوطني لاساتذة شعب الدراسات الاسلامية

0

احتضنت مدينة تطوان الملتقى الوطني الفضي في دورته 25 لأساتذة شعب الدراسات الإسلامية وشعب العلوم الشرعية بالجامعات المغربية والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بالمملكة المغربية تحت شعار: “جودة التكوين والارتقاء بالبحث العلمي في الدراسات الإسلامية أمام تحديات التنمية والمحافظة على الهوية الوطنية ” ، وذلك يومي الجمعة والسبت 22 و23 يوليوز 2016م برحاب كلية الاداب والعلوم الانسانية بمرتيل /تطوان . وقد حضره أعضاء من المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية ، وتناول الكلمة نائب رئيس الجمعية حيث قدم مداخلة في الموضوع كانت كالآتي :
اسمحوا لي بداية أن أعبر عن كبير امتناني، وجميل عرفاني، أصالة عن نفسي، ونيابة عن رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية ومكتبها الوطني ، عن الدعوة الكريمة التي تلقتها الجمعية من الجهة المنظمة لهذا الملتقى الفضي الذي يؤرخ لمسار تربوي أكاديمي إسلامي كان له أثره الفاعل في صحوة التربية الإسلامية والعلوم الشرعية بالجامعة المغربية ، واحتفالية اليوم بهذه الذكرى تحت شعار “جودة التكوين والارتقاء بالبحث العلمي في الدراسات الإسلامية أمام تحديات التنمية والمحافظة على الهوية الوطنية ” لهو خير دليل على ترسيخ طموح الاستمرارية في هذه الصحوة ، وتجديد العد من أجل مواصلة بناء المشروع التربوي الإسلامي على يد رجال ونساء صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، وهي فرصة للتنويه بكل هذه الجهود المبذولة والوجوه النيرة المستنيرة ، التي أبت إلا أن تعيد لهذه الأمة مجدها وأصالتها، من خلال سعيها إلى بعث الروح من جديد في مناهج التعليم بجامعاتنا ، وتلبية للدعوة الكريمة ارتأيت المشاركة بكلمة للجمعية تتمحور حول ” مادة التربية الإسلامية رافد أساس لشعب الدراسات الإسلامية بالتعليم العالي، ودعامة رئيسة لتثبيت قيم الوسطية والاعتدال ” وتحاول الإجابة عن سؤال التربية الإسلامية وعلاقتها بالدراسات الإسلامية ، وحدود التنسيق والتكامل بينهما .

السادة الحضور الكرام
إن الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية التي تهدف من خلال قانونها الأساسي إلى التنسيق مع مختلف الأطر المهتمة بتدريس التربية الإسلامية ، والعمل على الرفع من مستوى تدريس هذه المادة، وتطوير مناهجها وطرقها البيداغوجية ووسائلها التعليمية ، بغية تعزيز مكانتها في المنظومة التعليمية – التربوية، كانت دائما في واجهة الإصلاحات التربوية للمنظومة التعليمية عامة ولمادة التربية الإسلامية وما تعيشه من إكراهات ومحاولات بصفة خاصة ، من خلال دراسة مداخل الإصلاح وإجراءاته، ومناقشتها وتقويمها، وتتبع ما تتعرض لها من مناوشات… بهدف تحقيق هدف تثبيت المادة وتطوير مناهجها وتأهيل أساتذتها .
والجمعية إذ تنوه بموضوع هذا الملتقى الذي يسير في اتجاه ما رسمته من أهداف، تعتز بشراكتها وحسن تنسيقها مع شعب الدراسات الإسلامية وهيئاتها التنسيقية في عملية تطوير المادة ومعالجة إشكالياتها ومواجهة تحدياتها … ولا شك أن مبدأ التنسيق والتشارك هنا نراه ضرورة استراتيجية وحضارية لاعتبارات عدة منها :
– أن التربية الإسلامية ومن خلال مناهجها وبرامجها تعمل على إعداد كثير من متخرجي المدرسة المغربية لولوج شعب ومسالك الدراسات الاسلامية بالجامعة المغربية ، وتيسير توافقهم مع مناهج العلوم الشرعية التي تقدمها ، وبذلك يسهل على الطالب الانتقال من العام إلى الخاص، ومن تناول مبادئ ومفاهيم وأوليات الاسلام عقيدة وشريعة وسلوكا، إلى مستوى التخصص في العلوم الشرعية ، وتيسير انفتاحه على العلوم الكونية ، وتعميق تكوينه الاكاديمي في مستوى الإجازة والماستر والدكتوراه. وبذلك نعتبرها رافدا أساسا للدراسات الإسلامية بالمؤسسات الجامعية .
– أن التربية الإسلامية استفادت كثيرا من مخرجات شعب الدراسات الإسلامية من حيث استقبالها لمتخرجيها الذين آثروا تدريس المادة بالمؤسسات العمومية والخصوصية . وكان إنشاء وإحداث هذه الشعب بالجامعة المغربية فتحا مبينا على تدريس مادة التربية الإسلامية بالإعدادي والتأهيلي ؛ حيث أعاد لها اعتبارها خاصة بعد استقلالها عن اللغة العربية ووفرت لها الأستاذ المتخصص.
– أن شعب الدراسات الاسلامية تسهم في التأهيل المهني والتكوين المستمر لأساتذة التربية الإسلامية من خلال احتضان كثير منهم في مسالك الماستر والدكتوراه ؛ حيث يلاحظ أن أغلبية المسجلين هم أساتذة ممارسون ، ويزاوجون بين الممارسة المهنية والبحث الأكاديمي ، وهذا له أثره على مستوى الرفع من المردودية وجودة الأداء، من خلال تطوير مؤهلاتهم التدريسية وإفادة زملائهم، وإعطاء نفس تجديدي في تدريس المادة عبر تقصي قضاياها في الواقع المعيش وإكراهاتها بالنسبة لكل المتدخلين في العملية التعليمية التعلمية ، والبحث فيها ، وتحديد اشكالياتها ، ومحاولة اقتراح بدائل لتجاوزها … ؛ ذلك أن البحوث من هذا الصنف قد لا نجد لها أثرا في الدراسات الإسلامية العليا ؛ مما يجعلنا أمام انعدام دكاترة متخصصين في ديداكتيك مادة التربية الإسلامية، وهو ما يحرم المادة وأساتذتها من سلك التبريز ويعتبر المبرر الذي تعتمده الوزارة لإقصاء أساتذة المادة من التبريز إسوة بغيرهم من أساتذة المواد الأخرى .
– أن التربية الإسلامية والدراسات الإسلامية ونظرا لطبيعتها المعرفية والقيمية تواجه تحديات مشتركة يمكن اختزالها في :
أ – تحديات خارجية، وتتجلى في مجموعة من الضغوطات الناتجة عن تقارير وكتابات وتأويلات مغرضة، من أبناء جلدتنا ويكنون عداء مصرحا به للإسلام في نصوصه وقيمه وأحكامه وتشريعاته …
ب – تحديات داخلية وهي الأخطر على النظام المجتمعي للبلد واستقراره والحفاظ على ثوابته وقيمه ، والمتمثلة في استغلال البعض لهامش الحرية والاستقرار الذي ينعم به المغرب لمحاولة زرع بذور الفتنة من خلال اتهام مناهج التربية الإسلامية بالغلو والتطرف والتشجيع على الإرهاب… ومن هنا تنطلق المطالب المستمرة بمراجعتها والتطاول على المقدسات والقيم والثوابت الوطنية والدينية من نافذة الادعاء بالالتزام والوفاء لحقوق الإنسان الكونية .
– أن الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية وتنسيقية شعب الدراسات الإسلامية شركاء في مواجهة التحديات؛ حيث حاولت الجمعية وبتنسيق مع الهيئة العليا لشعب الدراسات الإسلامية مواجهتها من خلال :
– تكثيف الأنشطة التربوية لمناقشة تلك التحديات والخروج بتوصيات
– إصدار بيانات منددة بالمحاولات الضاغطة على صناع القرار التربوي
– المشاركة في اللقاءات التشاورية للوزارة والمجلس الأعلى للتربية والتكوين
وتسجيل موقف الجمعية من بعض المستجدات
– ولعل آخر تحد واجهته الجمعية هو انتفاضتها أخيرا ضد مذكرة لمديرية المناهج تحث على تغيير اسم وصفة التربية الإسلامية بالتربية الدينية حيث اعتبرناه تطورا خطيرا على مستوى تعامل الوزارة مع المادة اسما ومسمى ، وتجلى تنزيل ذلك وترجمته واقع على مستوى المشروع المطروح الآن على فرق تأليف الكتب المدرسية والذي سيطبق ابتداء من الموسم الدراسي المقبل . والذي يحاول إفراغ المادة من بعدها التربوي وتقليص دروسها ( من 50 درسا إلى 20 درسا) مما جعل الجمعية وباستشارة رئيس هيئة التنسيق تراسل كلا من رئيس الحكومة ورئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين ووزير التربية الوطنية في شأن التغيير المفاجئ لتسمية المادة .

أيها الجمع الكريم
لا شك ان عصرنا وبلدنا في أشد الحاجة إلى تقوية مكانة مادة التربية الإسلامية ودعم أكثر لشعب الدراسات الإسلامية على الرغم مما تتعرض له المادة الإسلامية من مضايقات واتهامات ، وذلك نظرا لما يلي :
– ما نلحظه من هزات عنيفة في كل مشروع من مشاريع إصلاح التعليم، وينصب النقاش حول مادة التربية الإسلامية، وكل ما له صلة بالدين في التعليم.
– وما نشهده من تهديد الطائفية والغلو ونهج مناهج عقدية أخرى غير عقيدة أهل السنة والجماعة المتمثلة عندنا في العقيدة الأشعرية .
– التماهي مع منظومة حقوق الإنسان والحقوق الفردية ومصطلح السلوك المدني دون ضوابط ومعايير ، فقد يعتبر البعض – ومدعما من جهات معينة – الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية ، والمجاهرة بالإفطار العلني في رمضان ، وتبادل القبلات في الأماكن العمومية وأمام المقدسات والمؤسسات الدستورية ، وتغيير آيات المواريث … من السلوك المدني ، خاصة وأن المغاربة يتذكرون أن بعض الزعماء السياسيين يرون في العري العلني والتفسخ والدياثة والفن الساقط سلوكا مدنيا حضاريا، كما أن منهم من يعتبر المخدرات نعمة إلهية وبالتالي يكون تعاطيها من السلوك المدني …!
– كما نلاحظ غياب التكامل بين المواد والتخصصات حيث نجد أن الفلسفة المؤطرة لمختلف المواد لا تستلهم نفس المرجعيات بشكل متجانس، بل هناك تعامل بنوع من الدهاء والتلفيق الإيديولوجي، وذلك بهدف إخراج جيل هجين لا يرتبط بعقيدته الدينية وهويته الحضارية إلا برباط واه أو مشوه، فيه من التشكيك والنقد أكثر مما فيه من الاقتناع والاعتقاد. مما يجعلنا نشعر بأن الهوية الإسلامية ليست روحا تسري بما فيه الكفاية في مجمل المنظومة التربوية والتعليمية لبلادنا ولا تناسب شمولية التوجيه الرباني للإنسان بما يؤهله لحياة طيبة في الدنيا وسعادة في الآخرة.
ولذلك فإن التربية الإسلامية و الدراسات الإسلامية نعتبرها مسهمة إلى حد بعيد في حماية البلاد من التطرف والطائفية، وهي من يعمل على حماية العقيدة وتعزيز الأمن الروحي ، نظرا لما تتميز بها المادة الإسلامية في مناهجنا من خصائص تتمثل في الأصالة في المصدر والمرجعية مما يدعو إلى احترام ما فيها وأدعى إلى الالتزام به. ومن توازن بين التراث والحداثة؛ والانفتاح على القضايا المستجدة في عرضها وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بها بعقلية مفتوحة ، وما تتغياه وترسخه من قيم الاعتدال والوسطية في الفكر والسلوك..

الحضور الكرام
لا يفوتني ونحن بصدد دراسة ومناقشة موضوع استشراف الآفاق المستقبلية للدراسات الإسلامية أن أذكر إخواني المؤطرين في مسالك الدراسات الإسلامية ببعض النقط أرى لها وجاهتها في تكوين الطلبة الباحثين :
– ضرورة الاهتمام بالبحث الميداني التطبيقي في المجال التربوي والبيداغوجي واستلهام الجوانب الإيجابية في تراثنا التربوي الإسلامي مع الانفتاح الإيجابي على مستجدات علوم التربية وتطبيقاتها ، وبذلك يمكن تجاوز معضلة البحوث المنتهية الصلاحية
– إعادة النظر في مداخل المناهج باعتماد مدخل المشكلات المعاصرة من خلال تنظيم مكونات المنهاج ومحورتها حول مشكلة أو حادثة واقعية أو مفتعلة أو مفترضة ، وتلمس الحلول عن طريق إزالة الحدود الفاصلة بين المقررات والمناهج المختلفة ، باستحضار منهج التكامل المعرفي ، ليتم تحقيق هدف الترابط بين ما يكتسبه الطالب وبين واقعه مما يساعد على تحويل المعرفة النظرية إلى سلوك حياتي واقعي معيش.
– اعتماد بيداغوجيا المشروع بالتركيز على المشروع الشخصي او الجماعي للباحثين
– اعتماد بيداغوجيا الكفايات خاصة وأن لدينا الآن تراكم لا بأس به في هذا المجال على مستوى التعليم المدرسي ، وأرى أن التعليم الجامعي سيكون أكثر فاعلية لو أخذ بذلك خاصة على مستوى الكفايات العرضانية
– إعادة النظر في مدخل التقويم بما يراعي الموضوعية و المصداقية والشمولية والمطابقة وتكافؤ الفرص لتجاوز ما يشهده الموضوع من خلل واختلال
– تكثيف الدورات التكوينية لأساتذة الدراسات وتجاوز الاجتماعات الروتينية بغية توحيد التصورات العامة لبناء المناهج وضمان حسن تنزيلها وجودة تقويمها.

مرة أخرى متمنيات الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بالتوفيق والنجاح لهذا الملتقى، وتحية إكبار وإجلال لمنظميه ومدعميه .
وفقنا الله لما فيه خير هذا الوطن وأبنائه ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته /

محمد احساين
نائب رئيس الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.