عبد السلام الأحمر
عرفت القيم بأنها عبارة عن الأحكام التي يصدرها الفرد بالتفضيل أو عدمه على أشياء معينة، ويرى البعض أنها معتقدات راسخة تملي على الإنسان سلوكا معينا في ظروف اجتماعية معينة، فهي تخلق السلوك وتوجهه في الاتجاه الذي يتوافق معها وقيل إنها مجموعة من التنظيمات النفسية لأحكام فكرية وانفعالية تعمل بتوجيه الأفراد وإراداتهم لتحقيق غايات محددة .
واتجهت تعريفات أخرى إلى القول بأنها عامة وشاملة لأفراد المجتمع ليست سلوكا ولكنها تحث على السلوك .
وتستند القيم في وجودها إلى الفطرة السليمة التي جبلها الخالق على حب الفضائل وتقديرها وذم الرذائل و إنكارها . فالنفس تحب العدل و الصدق وتحمل المسؤولية والأمانة وإحسان السلوك وإتقان العمل،وتمقت الكذب والظلم والخبائث والغرور والكسل وما شابه ذلك.
و من مقاصد الأديان السماوية تذكير النفس بما جبلت عليه من معرفة مكارم الأخلاق وجميل الأوصاف والطباع، ومن إنكار قبائح السلوك و مذموم الأخلاق والفعال.
فالدين يأمر بالمعروف كل المعروف، وينهى عن المنكر ويصنع للنفس من هذا وذاك قيما خالدة، نابعة من الإيمان بالله وتوحيده وعبادته وتقديسه وشكره ومحبته، وقد تكون القيم المختارة من لدن أمة و شعب ذات صلة بما آلت إليه معتقداتها الدينية وتطورت إليه اختياراتها الحضارية.
ولكل قيمة أساسية مجموعة من الأخلاق والسلوكات المتولدة عنها، والمحققة لها في واقع الحياة، حيث إن مجموعة القيم المعتمدة لدى كل أمة من الناس هي التي تشكل فكرها وأخلاقها وعاداتها ونمط سلوكها،وهي التي تمدها بالقدرة على التماسك والتعاون، وعلى الإبداع والإنتاج والفعل الحضاري في أبعاده المختلفة .
و أما علاقة القيم الأصيلة بغيرها، فإنها تقبل ما ينسجم معها و يساير اتجاهها العام، وترفض ما يخالفها و يصطدم معها، أو يعتبر دخيلا عليها معاكسا لتوجهها ومبادئها. فقيمة الإيمان منافية لقيم الكفر مضادة لها، وقيمة حب العمل طاردة للكسل والخنوع والتقاعس، وقيمة الحرية مانعة للتبعية والخضوع والاستعباد وهلم جرا.
فكل قيمة تبعث على مجموعة من السلوكات والأخلاق المحققة لها،فالصدق مثلا قيمة مركزية تتجسد سلوكيا في الوفاء بالوعد، و تحري الصدق في القول والعمل والمعاملات، وإتقان العمل ورفض شهادة الزور، والخيانة والكذب والقذف والافتراء، وهكذا الشأن بالنسبة لجميع القيم الأساسية الأخرى، فإنها تحتاج دائما إلى ما يترجمها في واقع الناس من أخلاق وقوانين ونظم وتقاليد وشعارات .
من خصائص القيم:
1ـ الثبات:
تتميز القيم بخاصية الثبات، فهي من مقومات وجود الأمم واستمراريتها في الزمان والمكان، كما أنها تدوم بدوام المعتقدات والاختيارات الفكرية المؤطرة لها، وتترسخ برسوخها، ولا يصيبها التغيير إلا بعد حقب طويلة من التألق والعطاء، حيث تتأثر عادة بحركية الأمة، وأوضاع صحتها ومرضها و نهوضها وانحطاطها.
2ـ الفاعلية:
و هي قدرة القيم على إبداع الأفكار، وصبغها بصبغتها الخاصة، و توجيه العواطف وتأجيجها، وضبط السلوك وتقويمه، وتوحيد وجهة الأمة وتعبئتها في ميدان التنمية والبناء الحضاري.
ومن تم فإن قيم الأمة، لا بد أن تحضر بقوة فاعلة، في سياستها واقتصادها و قانونها واجتماعها وتربيتها و فنونها، وأن تشكل القلب النابض في ثقافتها و فلسفتها في الحياة.
3ـالتكاملية:
فالقيم توجد ضمن منظومة متكاملة يشد بعضها بعضا، وتقوي ممارسة كل قيمة ما يرتبط بها من القيم الأخرى، وتحتاج ممارسة كل قيمة، إلى ما يتصل بها من القيم الأخرى، وتستدعي اكتساب أخلاقها ومقتضياتها السلوكية والانفعالية، وكل إخلال بقيمة ما، يؤدي حتما إلى تصدع المنظومة برمتها و يعرضها للانهيار.
تحديد الآليات التربوية الضرورية لإدماج القيم
1ـ القيمة المركزية.
ويتوصل إليها باختيار قيمة أساسية، تدور حولها جميع القيم المطلوب ترسيخها لدى النشء.
فكلما كانت القيم المجتمعية قابلة للتركيز في قيمة واحدة، ازدادت قدرتها على تعبئة النفس للعمل على تجسيدها في الواقع، وتحقيقها عبر الالتزام السلوكي بالمنظومة في جميع عناصرها ومكوناتها المختلفة، حيث إن تركزها في قيمة جامعة يجعل النفس تستوعبها بسرعة، و تستلهمها في كل حين، وتتحسس كل ما يتصل بها من الأفعال والأقوال و الوجدانات، فيسهل الاحتكام إلى روحها، وتمثلها في السلوك، وانضباط النفس بهديها و توجيهها .
و يصبح أفراد المجتمع على تفاوت مداركهم وتعدد طبقاتهم، قادرين على استيعاب منظومة القيم، والانفعال بها والسير على نهجها في دروب الحياة . كما يتيسر على مختلف الفاعلين الاجتماعيين العمل على بلورة معطياتها في مشارعهم الفكرية والسياسية والتربوية و الفنية والثقافية.
وتبرزأهمية هذا النهج خاصة في المجال التربوي، لربط الناشئة بنظام قيمها، وجعلها تدرك قدرهاوأبعادها منذ فجر طفولتها، لينمو في نفوسها حب تلك القيم والتشبع بها مع نمو جسمها وفكرها.
2ـ القدرة التأطيرية للقيمة المركزية.
لا بد من التأكد من قدرة هذه القيمة المركزية على تأطير تعلم القيم الأخرى المطلوبة دون تكلف، فتتم صياغة القيمة المركزية باعتبار القاسم المشترك بين جميع قيم المنظومة، والذي يشترط فيه أن يكون روحا سارية وبينة في كل قيمة على حدة، من حيث كونها عنصرا ينتمي إلى منظومة معينة .
و بذلك تحضر القيمة المركزية في عملية تعلم باقي القيم، وتساعد المتعلم على إيجاد العلاقة الرابطة بينها و بين القيمة الأم، التي يلزم استحضارها في دراسة كل مضمون يشتمل على قيم، أو يحيل عليها دون تكلف أو اعتساف .
3ـ الإدماج في نشاط المتعلم.
اعتماد النشاط الفكري والعضلي والتفاعل الوجداني للمتعلم، من خلال التدريس بمقاربة الكفايات، أساسا لترسيخ القيم في نفوس الناشئة .
ليس ثمة طريقة أنجع في ترسيخ القيم في نفوس النشء من التعريف بها و بيان مزاياها وفوائدها في حياة الفرد و المجتمع، فذلك ما يدفع المتعلم إلى منحها التقدير اللازم في نفسه، فيحبها ويحب الاتصاف بها،ويتطلع إلى أن يتقوى وجودها و تأثيرها في أحوال الناس، حتى ينعموا بعطاءاتها في واقع نفوسهم وأوضاعهم الحياتية كلها .
وإذا حصل هذا التقبل والتعلق الوجداني، احتاج المتعلم إلى ممارسة تلك القيم، ليزداد معرفة بها وإحساسا بآثارها الطيبة في فكره ونفسه وسلوكه، مما يحفزه على تعلق قلبه أكثر بممارستها باقتناع وحماس،يفضيان إلى ترسيخها في النفس وتوجيهها للسلوك.
و هذا ما تسمح بتحققه مقاربة التدريس بالكفايات، التي تمكن من التركيز على تحقيق كفاية ترسخ قيمة معينة، عبر سلسلة من الأنشطة التربوية، التي تفسح المجال أمام المتعلم، ليتعرف بنفسه على قيمة من القيم،ويكتشف من مميزاتها ما يحمله على تخصيصها بما يليق بها من التقدير والحب، يؤديان به في آخر المطافإلى استلهامها في سلوكه، و تقويم الأفكار والتصرفات والظواهر الاجتماعية، وتكوين مواقف شخصيةإزاءها.
4 – قابلية القيمة المركزية للممارسة.
تتأكد مركزية القيمة الأساسية في منظومة القيم، بحضورها البارز في جميع القيم الأخرى، حيث تغدو ممارسة أي منها ممارسة للقيمة المركزية، وترسيخا لها في كيانات الأفراد والجماعات.
فكل قيمة تتكرر ممارستها عبر قيم أخرى وبوتيرة أكبر في السلوك اليومي لأفراد المجتمع، تعتبر قيمة حية وفاعلة في هذا المجتمع، توجه أفكار ومشاعر وسلوكات أفراده . وكل قيمة ليس لها هذا التأثير فهي قيمة ميتة، لا تنهض همة ولا تنشئ إرادة.
فلكي تترسخ القيم في نفس المتعلم، يحتاج إلى أن يتردد ذكرها على مسامعه، وتتوارد معانيها على قلبه وفكره، ويتكرر إحساسه بها في وجدانه، بل وتتعدد مناسبات ممارستها انطلاقا من الفصل باتجاه الحياة، داخل الأسرة والمجتمع، في جل المواد الدراسية و موضوعاتها المختلفة، إذا لم يمكن تحقيق ذلك في جميعها .
5ـ الامتداد عبر مختلف المواد الدراسية.
أي حضورها في المستوى الواحد،والمراحل المتوالية. وتقتضي عملية إدماج القيم في المنهاج الدراسي، العمل على بناء مقررات المواد المختلفة عبرالمستويات المتتالية، على أساس ترسيخ منظومة شاملة من القيم، وممارسة شبيهاتها ومتعلقاتها المعضدة لها من القيم الأخرى.
ففي كل مادة تقدم القيم من خلال منهجها الخاص، والذي يوجه للكشف عن بعض أبعادها المعرفية والسلوكية والحضارية، ويكون التدرج في أسلوب تناولها، وفق ما يواكب نمو المتعلم العقلي والعاطفي والجسمي، حتى يتواصل ترسيخ القيم بمقاربات مناهج المواد كلها، موازاة مع النمو المعرفي والمهاري، وعبراكتساب مختلف الكفايات العامة والخاصة .
نموذج تطبيقي خلال سنة دراسية هي الأولى إعدادي ثانوي
قبل الدخول في محاولة تقديم نموذج تطبيقي لعملية إدماج القيم في المنهاج التعليمي المغربي نسوق التوضيحات الضرورية التالية:
1ـ المقررات التي تجري فيها هذه المحاولة، لم تخضع للتصور الذي دارعليه الحديث في هذه المداخلة، وإن كانت الإشارة إلى نية إدماج القيم فيها، واردة في الإطار المعتمد لمراجعة البرامج والمناهج، وهذا ما سيجعل النموذج المقدم غير مستوف للعناصر الأساسية التي حددت لعملية الإدماج في هذا المشروع .
فالغرض المقصود من المحاولة بهذا الاعتبار، هو إبراز حدود إمكانية تدارك ما فات أثناء البرمجة، من طرف المدرسين، والتعويل على تدخلهم الواعي، لتحقيق المتاح من مستويات الإدماج.
2ـ لا شك أن توافر إمكانيات الإدماج في وضعيات البرامج الحالية، من شأنه أن يرفع درجة الاقتناع بقابلية النموذج النظري المقدم للتطبيق العملي، إذا روعيت جميع شروطه، واتبعت كل خطواته أثناء بناء البرامج وانتقاء مضامين دروسها وأنشطتها المختلفة، وتم بالتنيسق بين مختلف المواد الدراسية .
3ـ تم اختيارالمسؤولية قيمة مركزية لمنظومة القيم المتوافرة بشكل ملحوظ في ثنايا مختلف برامج المواد الدراسية وعبرمستويات المراحل، فضلا عنارتفاع درجة شموليتها لكلالقيم الأخرى، إلى جانب اعتبارات مرجحة أخرى نذكر منها:
3ـ1 ورودها ضمن القيم المستهدفة في المراجعة الحالية للبرامج،والمنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي أكد في أولى مرتكزاته الثابتية “يهتدي نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمباديء العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية لتكوين المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح، المتسم بالاعتدال والتسامح الشغوف بطلب العلم والمعرفة، في أرحب آفاقها، والمتوقد للاطلاع والإبداع، والمطبوع بروح المبادرة الإيجابية والانتاج النافع” وفي الكتاب الأبيض فصلت الاختيارات والتوجهات التربوية العامة هذا التوجه في مواضع عديدة، نورد منها المقتطفات التالية:
– المساهمة في تكوين شخصية مستقلة ومتوازنة ومتفتحة للمتعلم المغربي.
– إعداد المتعلم المغربي للمساهمة في تحقيق نهضة وطنية اقتصادية وعلمية وتقنية.
ولقد لخص في فقرة تالية، الحاجات الشخصية للمتعلمين وهي
– الثقة بالنفس والتفتح على الغير.
– الاستقلالية في التفكير والممارسة.
– التفاعل الايجابي مع المحيط الاجتماعي على اختلاف مستوياته.
– التحلي بروح المسؤولية والانضباط.
– ممارسة المواطنة والديموقراطية.
– إعمال العقل واعتماد الفكر النقدي.
– الانتاجية والمردودية.
– تثمين العمل والاجتهاد والمثابرة.
– المبادرة والابتكار والإبداع.
– التنافسية الإيجابية.
– الوعي بالزمن والوقت كقيمة أساسية في المدرسة والحياة.
– احترام البيئة الطبيعية والتعامل الايجابي مع الثقافة الشعبية والموروث الثقافي والحضاري المغربي.
فكل هذه الحاجات تصب في اتجاه واحد هوتنمية المسؤولية الشخصية والوعي الذاتي.
3ـ 2 قدرتها على تعبئة التلميذ، لتشغيل كافة طاقاته في العمليات التعلمية، لاكتساب القيم المختلفة، والسعي لترسيخها ضمن إنجازه للأنشطة الفصلية والممارسات الحياتية .
3ـ 3 توافر المسوغات العلمية والتربوية لجعل المسؤولية قيمة مركزية لمراجعة البرامج والمناهج، في الظرف الحالي الذي تجتازه البلاد والتحديات الراهنة التي تواجهها الأمة. حيث تمس الحاجة أكثر من أي وقت مضى، إلى التعبئة الشاملة، واليقظة الدائمة، والقطع مع أخلاق الأنانية واللامسؤولية والسلبية والانهزامية.
3ـ4 تم الاقتصار في هذا النموذج على مادتي اللغة العربية والتربية الإسلاميةدون غيرها، باعتبار قابلية هاتين المادتين لاستيعاب القيم والتربية عليها أكثر من غيرها، مع الأخذ في الحسبان أنها توفر القدرالكافي لبناء نموذج توضيحي.
أولا: اللغة العربية:
والتي يمكن أن تكون خادمة لمنظومة قيم المسؤولية، إذا وجد القصد لبناء المنهاج برمته على أساسها، وتم انتقاء مشاريع التأليف الناجحة في حسن تقديم المادة المعرفية، من خلال هذا النهج، والبراعة في إحكام بنائه، بما يرسخ قيم الواجب لدى النشء.
ويتسع مجال إدماج القيم في مقرراللغة العربية بالأولى إعدادي، ليضم المجالات التالية:
1- النصوص القرائية
و تنقسم القيم المتضمنة فيها إلى الأقسام التالية:
-قيم إسلامية:
وتساق عبر نصوص قرآنية وحديثية وفكرية تمجد القيم الإسلامية، وتستهدف غرسها في فكر المتعلم ووجدانه.
-قيم وطنية إنسانية:
وتقدم خلال نصوص نثرية وشعرية، تعرف التلميذ بأمجاد بلاده، حتى ينشأ محبا لوطنه معتزا بهويته، مستشعرا لمسؤوليته في السعي إلى استعادة تلك الأمجاد، والحفاظ على هويته.
كما يدرس التلميذ نصوصا تعمق انتماءه الإفريقي والإنساني، عبر تناولها لقيم حقوق الإنسان المنسجمة مع الروح الإسلامية.
-المجال الاجتماعي والاقتصادي:
ويضم نصوصا تعرف المتعلم بظواهر وإشكاليات اجتماعية وثقافية راهنة (مسالة الإنسان والقانون – المرأة – الطفل ..) والتي تمنح فرصا عديدة للتعرف على حقوق الفئات المذكورة وواجباتها، وكيفيات المساهمة الفعالة في التعريف بها والحرص على احترامها.
-المجال السكاني:
ويشتمل على نصوص تتناول التربية الصحية، والوقاية من الأمراض المعدية، والتربية الطرقية، الهجرة القروية، الجفاف، أزمة الماء، تدمير الطبيعة، النظافة، السكان والقيم، السكان وبدائل المستقبل، حيث يمكن تحليل هذه القضايا بخلفية المسؤولية الفردية والجماعية، وتمكين المتعلم عبر عمليات النقاش والحوارمن تحديد دوره ومسؤولياته في التوعية حول هذه المواضيع، والقيام بواجبه المتعين عليه للتخفيف قدرالإمكان من حدة المشاكل المطروحة.
-المجال الحضاري:
ويحتوي نصوصا تعرف المتعلم بالإنجازات الحضارية لمختلف الشعوب على المستوى المادي والثقافي:( آثار- متاحف – اكتشافات – اختراعات – ظواهر علمية وتقنية ) حيث يتأتى إبراز دور قيم حب العمل والإبداع والإتقان واستشعار المسؤولية الفردية والجماعية في تحقيق كل هذه الإنجازات.
2-أنماط القراءة:
– القراءة المنهجية للنصوص القصيرة النثرية والشعرية، والتي يجب انتقاؤها بحسب مضامينها القيمية التي تصب في تعزيز قيم الأمانة وأخلاق المسؤولية.
– القراءة المسترسلة، والتي يكون موضوعها مقتطفات عربية أو مترجمة ذات طبيعة سردية مستمدة من نصوص روائية ومجاميع قصصية ونصوص مسرحية، وكل هذه الأنواع قابلة لأن تكون وسائل شيقة وفعالة، تحظى بتجاوب النفس التلقائي معها، لاقتناع التلميذ بما تكرسه من قيم رفيعة مثل الوفاء والتضحية والصدق والإخلاص وما يماثلها من قيم المسؤولية.
– القراءة الاستماعية، ويترك اختيار نصوصها للأستاذ، مع مراعاة مدى استيفائها للشروط التربوية، وملاءمتها للمنظومة القيمية المعتمدة.
3- الدرس اللغوي:
والذي لايسوغ أن يبقى بمعزل عن المساهمة في ترسيخ القيم وزيادة جرعاتها في مواد اللغة العربية، ويكون ذلك عن طريق إيراد الأمثلة التطبيقية للقواعد اللغوية والنحوية والصرفية، الحاضة على قيم المسؤولية، وهو نهج درج عليه أجدادنا منذ القدم.
4- التعبير والإنشاء:
والذي لايعتبر مجالا لتطبيق تعلمات المواد اللغوية الآنفة فحسب، وإنما يتسع في ذات الآن ليكون مناسبة مواتية للتعبيرعن الإحساس بالمسؤولية تجاه القضايا المتحدث عنها، وتحديد المواقف الشخصية منها، والتفكير في اقتراح حلول موفقة لها.
والأستاذ يضطلع بدور أساسي في استثمار هذ النشاط على أحسن وجه، إذ يرجع إليه الفضل في انتقاء المواضيع المناسبة لإدماج قيم المسؤولية، وتدريب تلامذته على طرقها برؤية واضحة، ترسخ في أذهانهم ثقافة المسؤولية.
ثانيا: التربية الإسلامية
تعتبر مادة التربية الإسلامية، المجال الأكثر طواعية لترسيخ قيم المسؤولية وأخلاقها، لاسيما برنامجها الجديد، الذي تم بناؤه على أساس تعميق البعد التربوي، انطلاقا من تسمية وحداته العشرة:(التربية الاعتقادية – التربية التعبدية – التربية الصحية – التربية الجمالية ..) وانتهاء باختياردروسها الملامسة لواقع المتعلم في مختلف دوائره الفردية والجماعية.
ويمكن حصرآليات إدماج قيم المسؤولية في دروس هذه المادة على المستويات التالية:
1- على مستوى بناء البرنامج
يمكن اختيار الموضوعات الكفيلة بترسيخ قيم المسؤولية، والدفع بالمتعلم إلى إدراك دوره الأساس في تعلم الواجبات وتحديدها، انطلاقا من المضامين والقضايا المدروسة، التي يمكن تصنيفها إلى صنفين:
أ- دروس حاملة لقيم المسؤولية
يتعين إبرازها والكشف عن علاقتها بالمسؤولية الفردية والجماعية، واستدراج التلميذ للانخراط بطواعية في ذلك، وتبين كيف يعين استشعار المسؤولية على حسن تمثل تلك القيم وتيسيراكتسابها، وفي ختام الدرس يطلب منه، بحث ما يراه من وسائل المساهمة في نشر هذه القيم داخل محيطه، حتى يكون قائما بواجبه تجاه نفسه وغيره، رابطا بين التعلم والعمل ممارسا لما تعلمه من المسؤوليات والواجبات والأخلاق الحميدة.
ومن أمثلة هذه الدروس في المقرر الحالي:
الإيمان وأثره في حياة الإنسان – صفات المؤمن – محمد رسول الله المثل الأعلى – العبادة في الإسلام – دعوة الإسلام إلى العلم – المال في الإسلام – العفة والقناعة في تحصيل المال – بر الوالدين – أثر الفضائل في المجتمع (الصدق، الأمانة، الحياء) الحث على التداوي – التعارف والتواصل ضرورة بشرية – رعاية الحقوق في الإسلام (حق الله – حق الله على العباد – حق النفس – حق المسلم على المسلم) – إماطة الأذى عن الطريق. الرفق بالحيوان.
ب – دروس تستهدف التعريف بأخلاق ذميمة وسلوكات منافية لقيم المسؤولية والأمانة
و يتولى التلميذ التوصل بمجهوده الخاص، واسترشادا بتوجيهات الأستاذ إلى توضيح مدى مناقضتها لأخلاق المسؤولية، وما تنطوي عليه من انحرافات شديدة عن روحها ومقتضياتها. ثم يكلف بتحديد دوره في مناهضتها في رحاب الواقع المجتمعي، بادئا بتطهير نفسه من لوثاتها وشوائبها الخفية.
ومن أمثلة هذه الدروس:
محاربة الجهل والأمية – محاربة الإسلام للمفاسد الاجتماعية ( الغش، الرشوة، الكذب، الغيبة، النميمة). وهناك دروس أخرى قابلة للتعرض فيها لهذا النوع من المفاسد والمساويء، مثل: نظافة البدن،الأمانة في تلقي الخبرونقله، حق المسلم على المسلم، إماطة الأذى عن الطريق.
2- على مستوى التأليف المدرسي
والذي يتعين فيه اعتماد مقاربة لإدماج قيم المسؤولية ، من خلال منهجية بناء الدروس، عن طريق الأنشطة التعلمية التي يلزم أن توجه التلميذ لتحمل مسؤوليته كاملة، في عمليات تحديد المفاهيم، والتعبير عن الآراء الشخصية، وبلورة المواقف الذاتية، وأن تتحاشى الخطوات المرحلية، والعمليات التعليمية التعلمية، توجيه الأمر بالتزام سلوك بعينه، بدل إستدراج المتعلم إليه من تلقاء نفسه، باعتباره النتيجة الطبيعية لمآل التعلمات السابقة.
3- على مستوى العمل الفصلي
يعتبر الانخراط الواعي للأستاذ أساسيا في استثمار كل إمكانات الدرس، لتحقيق أعلى درجات ترسيخ قيم المسؤولية والتشبع بمبادئها وأخلاقها، وهذا قد يصبح متيسرا عن طريق التكوين الرصين إذا خضع له المدرسون مع كل إصلاح جديد للمنهاج التربوي.